الهجرة غير الشرعية ضياع للشباب وإساءة لسمعة الوطن
عندما يتحول البحث عن عمل إلى مقبرة تلتهم شبابنا سواء كان من خلال غرقهم فى طريق الهجرة غير الشرعية إلى أوربا ، أو القبض عليهم على حدود تلك الدول.. وعندما يصل عدد هؤلاء الشباب ما بين الموتى غرقا أو المقبوض عليهم حوالى 500 ألف شاب مصرى تتراوح أعمارهم ما بين 20 إلى 40 عاما
فإننا نكون أمام مشكلة كبرى ،وقضية هامة ، فالبحث عن عمل يكون ثمنه أن يدفع الإنسان حياته؟ ما هى أسباب تلك الهجرة غير الشرعية ؟ وكيف نعالجها وما حكم الإسلام فيمن يموت ضحية تلك الرحلة غير المأمونة العواقب؟ اللواء الإسلامى طرحت القضية بكل جوانبها من خلال التحقيق التالى
عن دوافع الشباب لهذه الهجرة، ذكر تقرير صادر عن الأمم المتحدة: أن أسباب الهجرة الجماعية غير الشرعية يعود إلى ازدياد أعداد الشباب فى دول العالم الثالث وتناقص فرص العمل، إضافة إلى زيادة حدة الفوارق بين الدول الغنية والفقيرة، كما ازداد الوعى بهذه الفوارق وأصبح السفر متاحا للجميع بسبب التقدم الذى حدث فى الاتصالات الدولية ووسائل السفر، فى الوقت الذى تقلصت فيه منافذ الهجرة الشرعية
وبالتالى يقع الشباب فى المحظور من خلال اللجوء إلى سماسرة السوق الذين يتقاضون من كل شاب يريد السفر قرابة 30 ألف جنيه ..وتنتهى رحلة الشباب إما بالموت أو السجن
تطون المصرية
من القرى التى اشتهرت بسفر شبابها إلى أوربا قرية (تطون) التى تقع فى محافظة الفيوم وتعد أشهر قرية على مستوى الجمهورية فى هجرة الشباب إلى أوربا خاصة إيطاليا حيث يقدر عدد أبناء (تطون) فى إيطاليا ب 6 آلاف شاب من 40 ألف نسمة هم عدد سكان القرية ويقال أن اسم تطون مأخوذ عن اسم أحد شوارع إيطاليا ..وأطلقت القرية أسماء إيطالية على محالها التجارية فيوجد محل عصير
وتتميز تطون بمبانيها الفاخرة وفيلاتها المتميزة جوهرة إيطاليا ،و دريم روما و آخر ميلانو التى شيدها أبناؤها الموجودون فى إيطاليا .. وتشير الإحصائيات إلى أن حجم معاملات أبناء القرية لدى البنوك تزيد على 100 مليون دولار بسبب السفر إلى إيطاليا مما أدى إلى ارتفاع أسعار الأرض الزراعية والعقارات بشكل ملحوظ حيث وصل قيراط الأرض إلى ما يقرب من 175 ألف ؟؟ جنيه، ووصل سعر المنزل فيها إلى نصف مليون جنيه كما أن أقل حفل زفاف فى تطون يتكلف 100 ألف جنيه
نماذج حية وعلى الجانب الآخر فإن الإحصائيات تؤكد أن معظم الشباب الذين يهاجرون بطريقة غير شرعية من...الغربية ،والمنوفية ،والشرقية والدقهلية محافظات الوجه البحرى مثلكما تذكر الإحصائيات
آثار سلبية
ويؤكد السفير عاصم مجاهد مساعد وزير الخارجية: أن غير المشروعة لها آثار سلبية خطيرة على المستوى الدولى القومى ،كوطن وعلى المستوى المحلى. فعلى المستوى الدولى تضر سمعة مصر حيث تصنف باعتبارها من الدول المشجعة لحركة الهجرة غير المشروعة الأمر الذى دفع بعض دول حوض البحر الأبيض إلى التلويح بإدراج اسم مصر على قائمة الدول غير المتعاونة فى مجال منع ومكافحة الاتجار بالمهاجرين غير القانونيين
وقد يعقب ذلك فرض إجراءات وتدابير ضد مصر التى لمتوقع حتى الآن على بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين غير الشرعيين وهى مشكلة ليست بسيطة ويجب العمل على تدارك أخطارها قبل أن تقع الفأس فى الرأس ويتعذر تدارك هذه الأخطار والأضرار فى المستقبل
المتاجرة بالشباب
أما اللواء محمد سعيد مساعد وزير الداخلية ومدير عام المباحث للأموال العامة فيقول : إن الهجرة غير المشروعة هى السوق السوداء للاتجار بالشباب وأن هذه السوق لها آليات كثيرة منها المكاتب الوهمية لإلحاق العمالة بالخارج ووسطاء الهجرة والسماسرة والفساد الإدارى والجماعات والعصابات الإجرامية المنظمة ويتركز أغلبهم فى محافظات الوجه البحرى
ويضيف أن هناك طرق عديدة لتهريب المهاجرين غير الشرعيين منها الطرق البرية عن طريق التسلل إلى ليبيا حيث يتم تهريب المهاجرين إلى إيطاليا ومالطا واليونان وعن طريق الأردن يتم تهريب المهاجرين إلى قبرص أو تركيا
ويوضح مساعد وزير الداخلية: إنه تم ضبط أكثرمن20 محاولة لتهريب الشباب كما تم استرجاع 8826 شابا كانوا يحاولون التسلل عبر الحدود المصرية وكانت أعمارهم ما بين 20 و 40 سنة وهم من المؤهلات العليا والمتوسطة وأغلبهم من محافظات الفيوم والدقهلية والغربية والبحيرة والشرقية والمنوفية
ويطالب بأهمية تناول أجهزة الإعلام لهذه الظاهرة الخطرة وتوعية الشباب من مغبة الوقوع فى مصيدة مافيا التسفير وعلى الدعاة والأئمة المشاركة بدور فاعل لمقاومة هذه الظاهرة من خلال خطبهم ودروسهم كذلك المؤسسات الإجتماعية التى تعمل على توفير فرص عمل للشباب مثل الصندوق الاجتماعى فعليهم المشاركة بجهد فاعل للقضاء على هذه الظاهرة
ويقول رشدى عبدالحميد رئيس شعبة توظيف العمالة بمصلحة الجوازات والهجرة: إن هناك 325 مكتبا شرعيا لتسفير العمالة بالخارج ولكن السوق بها أضعاف هذا العدد من الذين يقومون بتسفير العمالة عن طريق الوسطاء أو سماسرة آخرون يتبعون طرقا غير شرعية فى تسفير الراغبين للعمل بالخارج
لذلك فقد تقدمنا بالعديد من المذكرات التى تقدم حلولا لمعالجة هذه الظاهرة من الواقع العملى لوزارة القوى العاملة ووزارة الداخلية كان مضمونها عدم إصدار أذونات عمل للخارج إلا من يحمل عقد فرصة عمل صادرة من وزارة القوى العاملة أو من إحدى شركات العمالة المرخصة من القوى العاملة مع مراعاة ختم العقد من وزارة القوى العاملة
ورفض جميع الطلبات التى لا يتوافر بها هذا الشرط ويتم صدور قرار بذلك تعمل به الإدارة العامة لتصاريح العمل بفروعها المختلفة وهذا القرار يتماشى مع قانون العمل الموحد ولائحته التنفيذية الصادرة برقم 135 لسنة 2002 والذى ينص على عدم التعامل إلا مع الجهات الشرعية المرخص لها بمزاولة النشاط لأن العامل الذى يسافر إلى أية دولة عربية يسافر من أجل العمل وليس من أجل الإقامة
ويضيف حامد الحديدى رئيس شعبة تصاريح العمل بوزارة الداخلية فرع الدراسة :إن تقنين تسفير العمالة وتفعيل القانون 12 لسنة 2003 وتصديق عقد العمل من وزارة القوى العاملة يقضى على 70% من مشكلة تسفير العمالة عبر قنوات غير شرعية ،فهذه الظاهرة لها آثار سلبية على شركات توظيف العمالة
نهاية مؤلمة
وبرؤية اجتماعية يقول د .أحمد المجدوب أستاذ علم الاجتماع بالمجلس القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية إن الذى يدفع الشباب إلى الهجرة غير الشرعية وتحمل مخاطر كبيرة هى أحلام كاذبة بتحقيق ثروة كبيرة من المال خلال سنوات قليلة ..وفى النهاية يكتشف أن هذا سراب ويخسر الكثير من وقته وماله ..ويتعرض لإهانات بالغة تترك آثارا نفسية لن يستطيع بسهولة ان يتخلص منها
فهؤلاء الشباب المهاجرون بطرق غير مشروعة يعمل البعض منهم فى أعمال رديئة وغير مشروعة كتجارة المخدرات أو بيع الصحف الجنسية ويتعرضون طوال الوقت لمطاردة الشرطة وابتزاز أصحاب الأعمال وفى النهاية يكون مصيره السجن أو الترحيل إلى مصر
ويطالب د.المجدوب من الحكومة أن تتحرك لمواجهة العصابات التى تنتشر على الحدود مع ليبيا أو فى بعض محافظات الصعيد للنصب على الشباب وتتقاضى منهم مبالغ طائلة تصل إلى ثلاثة آلاف دولار بدعوى توفير فرص عمل لهم فى أيطاليا أو أوربا ثم يهربون بهذه الأموال دون أن يحاسبهم أحد
الانبهار بالغرب
ويقول د.صلاح رمضان أستاذ الحضارة الغربية بجامعة الأزهر إن الحضارة الأوربية الآن فى أوج التقدم المادى والمدنى وكما نعلم فإن أية حضارة لها شقان أولهما شق مادى ثانيهما شق أخلاقى ..وقد انبهر بالمظاهر المادية بعض الشباب المصرى والعربى
وقد كان الشباب منذ 40 عاما يذهب إلى أوروبا وأمريكا انبهارا بما يسمعه عن تقدم الحضارة الغربية لكن الآن فى هذا الوضع المتأزم اقتصاديا فانه يذهب إلى هذه الدول للحصول على لقمة العيش وبناء المستقبل
ويشير د.صلاح إلى وجود عوامل فى أوروبا تجعل الشباب أكثر انبهارا بها مثل الحرية الاجتماعية الحقيقية والعدل الاجتماعى وتوزيع الثروات من غير تحيز لشخص ما وعدم وجود عقبات فى قضاء المصالح الحكومية وعدم وجود واسطة فى فرص العمل
وعن أسباب هجرة الشباب المصرى إلى أيطاليا يقول د.صلاح إن هذا يرجع لقربها جغرافيا من مصر إضافة إلى أنها مدخل للعالم الغربى الأوربى وتوافر فرص العمل بكثرة فيها أيضا قرب طباع الشعب الإيطالى من طبيعة الشعب المصرى
وفى نهايه موضوعى اعتقد انها قضيه لابد من اخذها على محمل جدى لخطوره الوضع خاصه مع صعوبه الحاله الاقتصاديه بمصر؟؟؟؟؟؟